مشروعية القرار الإداري بين إطاره القانوني وتصرفات الإدارة

16 يوليو 2023
مشروعية القرار الإداري بين إطاره القانوني وتصرفات الإدارة
الرشيدية 24: عبد الواحد الحسناوي

تزاول الإدارة أنشطتها عبر مسلكين اثنين :
– العقود الإدارية.
– القرارات الإدارية.
ويعتبر مبدأ مشروعية القرار الإداري أساس دولة الحق والقانون، حيث نص الدستور المغربي لسنة 2011، على سلطة القضاء الإداري ورقابته على ما تصدره الإدارة من قرارات، ضمانا لحقوق الأفراد وصونا لحرياتهم والدفاع عنها أمام القضاء.
ولئن كان هذا المبدأ لا يتحقق إلا بتوفر دستور يضمن الحقوق ويصون الحريات، ويلزم الأفراد والجماعات والهيئات بمجموعة من الواجبات، والفصل بين السلط سواء كان الفصل عضويا من خلال الفصل بين السلطة التشريعية كمؤسسة والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، أو موضوعيا من خلال تحديد مهام واختصاصات كل سلطة بمعزل عن الأخرى، ورقابة القضاء على أعمال الإدارة، فإن المغرب قد ذهب بعيدا على مستوى إرساء دولة الحق والقانون من خلال إحداثه للمحاكم الإدارية مند سنة 1993 بموجب قانون 90/41، كما خول للأفراد حق رفع ما لحقهم من ضرر عبر :
– دعوى الإلغاء.
– دعوى القضاء الشامل.
وفي هذا السياق ألزم المشرع الإدارة بالتقيد بمجموعة من الشروط والأركان تضمن سلامة قراراتها الإدارية وخلوها من أحد عيوب المشروعية وتتجسد في:
– ركن الاختصاص، حيث لا يمكن تصور صدور قرار من جهة غير الجهة التي خول لها القانون ذلك، أو من شخص غير الشخص الذي يدخل ضمن اختصاصاته ذلك.
– ركن السبب حيث إن الإدارة ملزمة بذكر الأسباب الواقعية التي دفعتعا لاتخاذ قراراتها.
– ركن المحل أي موضوع القرار الذي يتجسد في تغيير أو حذف أو تعديل وضع إداري ما، وقد يكون إيجابيا أو سلبيا.
– ركن الشكل الذي يتجسد في الكتابة حتى يتمكن الطاعن من رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية المختصة.
– ركن الغاية والذي يتمثل في توجه الإدارة من خلال قرارتها إلى تحقيق المصلحة العامة.
وبالرجوع لهذا الركن المهم، يتساءل الفرد خصوصا أمام الكم الهائل من القضايا التي تبث فيها المحاكم الإدارية والتي تكون لصالح الطاعن، عن مدى التزام الإدارة بالأركان سالفة الذكر؟
يرجع الكثير من المتتبعين عدم مشروعية القرارات الإدارية إلى أسباب مختلفة يمكن تلخيصها في :
– ضعف تكوين المسؤولين الإداريين، خصوصا في المسطرة التي يجب اتباعها في إصدار قرارات سلبية في حق الأشخاص كالتأديب.
– حضور الحسابات الشخصية والانتقامية أثناء اتخاذ قرار سلبي في حق الأشخاص. وغض الطرف أو إعدام ركن الغاية كركن أساسي يضمن مشروعية القرار الإداري.
ولئن كان الدستور قد كفل حق لجوء المعني بالقرار الإداري غير المشروع إلى المحاكم الإدارية عبر مسطرتي الطعن بالإلغاء والتعويض، فإن ما يكلف خزينة الدولة من تعويضات مالية خيالية لفائدة المتضررين، بسبب أخطاء مسؤولي الإدارة، وهدر للموارد البشرية المؤهلة التي تنطفئ شعلتها بسبب الشطط في استعمال السلطة، يجعل التساؤل مشروعا أمام مسؤولية الشخص الذاتي عن أخطائه التي يكون قد ارتكبها إما بجهله للقانون أو بتعمده إصدار قرار سلبي على حساب ركن غاية المصلحة العامة.
ولئن كانت الإدارة تتحجج بتوفرها على ما يبرر قراراتها الإدارية من خلال إعمال سلطتها التقديرية، فإن القضاء باعتباره سلطة عليا، ملزم بفحص هذا المبدأ رغم كون المشرع قد استثناه من مبدإ المشروعية، وبالتالي ضمان حقوق الأفراد والحد من ممارسة السلطة باستحضار الأهواء والحسابات الضيقة.
وبالتالي ضمان حكامة مالية وتدبير أمثل للموارد البشرية وتحقيق التنمية وخلق الثروة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة