في زمنٍ ليس ببعيد، كانت مدينة الرشيدية تتنفس كرة القدم، وكان لفرقها صيت يُضرب به المثل. أسماء حفرت في ذاكرة الجماهير، أمثال USKS، CUSM، واللاعبين الذين صنعوا أمجاد المدينة كـ “كيعا”، “بيضضا سعيد”، “حليش”، “خالد البيض”، وغيرهم، لا تزال عالقة في أذهان عشاق المستديرة الذين يتوقون لعودة تلك الأيام الذهبية.
لكن اليوم، تغير المشهد بشكل مؤلم. بدل أن تتوحد الجهود في فريق يمثل المدينة ويدافع عن ألوانها، تعددت الفرق وتشتتت الطاقات. فرق تتصارع على لا شيء، وأخرى تفضل البقاء في أقسام الظل، متذرعة بغياب الدعم. والنتيجة: كرة قدم بلا روح، وجماهير فقدت الأمل في رؤية فريق قوي يُعيد للرشيدية مجدها الكروي.
واختار البعض في ظل هذا الواقع ، استعمال مصطلح “نزول” بدل “سقوط”، في محاولة للتقليل من وقع الهزائم المتتالية على النفسية الجماعية للمحبين. وهو تعبير يحمِل كثيرًا من الأمل في العودة، بدل الانكسار النهائي.
و يستمر مع ذلك، النزيف. فبعد نزول “جمعية الرحمة” الموسم الماضي، جاء الدور هذا العام على فريق “الكودير”، في وقت ظلت فيه فرق أخرى تراوح مكانها دون تقدم يُذكر.
وتعود اسباب مايحصل حسب العديد من متابعينك الشأن المحلي الكروي بالرشيدية إلى التسيير الإرتجالي، وغياب الرؤية، وتفشي منطق المحسوبية. فكما يقول المثل: “إذا أسندت الأمور إلى غير أهلها فانتظر الساعة”. لا يكفي التذرع بقلة الدعم، إذ أن الرياضة لا تُبنى فقط على المال، بل على الكفاءة، والتخطيط، والغيرة على المدينة.
ويبقى شباب الرشيدية، بين الاستياء والإحباط، يحلمون بفريق واحد، موحد، يحمل اسم المدينة بشرف، ويتنافس في القسم الوطني الأول ضد فرق لها وزنها في الساحة الوطنية كـ الرجاء، الوداد، الجيش الملكي، والكوكب المراكشي. فريق يعيد الحياة للمدرجات، والأمل للقلوب.
إن الرياضة، وخصوصا كرة القدم، ليست مجرد لعبة، بل رافعة للتنمية، ومساحة لتفجير الطاقات الشابة، ومصدر فخر للمدن. وما تحتاجه الرشيدية اليوم ليس تكاثر الفرق الهامشية، بل تكتل الجهود لتأسيس نادٍ قوي، يمثل الجميع، ويضع حدًّا لهذا التشتت المؤلم.
الوقت لم يفت بعد. فالنية الصادقة، والمحاسبة الجادة، والاستثمار في الكفاءات واللاعبين، قد تعيد الرشيدية إلى الواجهة. ويبقى السؤال مطروحًا: متى تتوحد الكلمة، وتُبنى الرؤية، لنرى فريقًا رشداويا واحدًا يُعيد البسمة للجماهير؟