عجز المنتخبين والجماعات المحلية في تدبير الشأن المحلي ..  نموذج من جماعة بومية

17 مارس 2025
عجز المنتخبين والجماعات المحلية في تدبير الشأن المحلي ..  نموذج من جماعة بومية

تعيش العديد من الجماعات المحلية في المغرب على وقع عجز واضح في تدبير الشأن المحلي، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على حياة المواطنين وسلامتهم اليومية.
ويكشف الواقع رغم الوعود التي يطلقها المنتخبون خلال حملاتهم الانتخابية، عن تقاعس كبير في الوفاء بالتزاماتهم تجاه المواطنين، مما يفتح المجال لظهور فراغات في المسؤولية يتم ملؤها من قبل فاعلين آخرين، كالجمعويين أو أعوان السلطة، الذين يضطرون للتدخل في العديد من الحالات لتدارك ما يهدد سلامة المواطنين.

وتترك الجماعات المحلية في عدد من جهات المملكة المنتخبين في وضعية غياب عن مهامهم الأساسية، بل وقد يصل الأمر إلى عجزهم عن التأثير بشكل إيجابي في المجالات التي تقع ضمن اختصاصاتهم.

كما يُلاحظ أن هذه الجماعات تغرق في الروتين الإداري وتغفل عن قضايا ملحة تتعلق بمصلحة المواطن، مثل إصلاح البنيات التحتية الأساسية، والحفاظ على السلامة العامة، وتنظيم النقل، وتنظيف الشوارع.

ومن أبرز الحالات التي تجسد هذا الواقع المؤلم، هي تلك التي شهدتها جماعة بومية بإقليم ميدلت. ففي الوقت الذي كان من المفترض أن يقوم المنتخبون المحليون والجماعة بتحمل مسؤوليتهم في إصلاح البالوعات التي كانت تشكل خطرًا على المواطنين، وأصبحت تهدد سلامة المارة، من بينهم النساء والأطفال، قام اثنان من أعوان السلطة -الذين يعتبرون موظفين في خدمة الجماعة- بالتطوع شخصيًا لإصلاح هذه البالوعات من أموالهما الخاصة وجهودهما.
وجاء هذا التدخل الجاد من أعوان السلطة بعد تكرار الحوادث التي كانت تهدد حياة المواطنين، خصوصًا أثناء تساقط الأمطار والثلوج.

وتعد هذه المبادرة مثالا على تداخل أدوار الفاعلين المحليين في مواجهة التحديات اليومية التي تعاني منها بعض المناطق. ففي حين أن دور المنتخبين كان غائبًا في هذا السياق، تحرك هؤلاء الأعوان بشكل عملي للتصدي للمشكلة، وهو ما يعكس روح المواطنة والمسؤولية التي تتجاوز مجرد دورهم الإداري.

وتظهر هذه الواقعة في جماعة بومية أن هناك فجوة بين الوعود الانتخابية والواقع. فبعض المنتخبين يبدون غير قادرين على القيام بواجباتهم، سواء بسبب نقص الموارد أو تزايد البيروقراطية أو ربما بسبب غياب الإرادة السياسية الحقيقية.
ففي الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من الإهمال، يتحمل فاعلون آخرون، مثل الجمعويين وأعوان السلطة، العبء ويقفون في وجه التحديات نيابة عنهم.

ولا تقتصر هذه الظاهرة على جماعة بومية فقط، بل هي مشكلة عامة تظهر فشل المنظومة المحلية في تحقيق التنمية المستدامة.
فمن الضروري أن يتحمل المنتخبون مسؤولياتهم كاملة، وأن يكون هناك تقييم حقيقي لأدائهم لضمان تحقيق مصالح المواطنين وتنفيذ المشاريع التي تمس حياتهم بشكل مباشر.

كما يعكس تدخل الجمعويين وأعوان السلطة أيضا تزايد الوعي المجتمعي وأهمية التعاون بين المواطن والمسؤول المحلي في تحقيق التنمية. فالمجتمع المدني له دور كبير في تحفيز التغيير والمطالبة بحقوقه، سواء من خلال الضغط على السلطات المحلية أو من خلال المبادرات التطوعية التي تساهم في تحسين الحياة اليومية للمواطنين.

ويتطلب غياب المنتخبين عن القيام بدورهم في تدبير الشأن المحلي وقفة جادة من المجتمع المدني، والإعلام، وأيضا من المواطنين الذين عليهم أن يطالبوا بمحاسبة المسؤولين على تقاعسهم.
كما يجب أن يكون هناك إصلاح حقيقي للمنظومة المحلية، بحيث يتم تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، وتحديد المسؤوليات بوضوح لضمان تحسين جودة الحياة في المناطق المختلفة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة