جيل Z بين شرعية المطالب وخطورة الانزلاق نحو العنف

2 أكتوبر 2025
جيل Z بين شرعية المطالب وخطورة الانزلاق نحو العنف

الرشيدية 24 : الحبيب بلوك

شهدت الآيام  الأخيرة  من شهر شتنبر موجة من الوقفات و التعبيرات الاحتجاجية قادها شباب ما ظل يُعرف بـ”الجيل Z”، عبّروا من خلالها عن اختناق اجتماعي وغياب أفق اقتصادي واحتقانات تتراكم منذ سنوات.
وتضع هذه الاحتجاجات  بصوت عالٍ، أسئلة جوهرية حول مدى جدية السياسات العمومية في تلبية تطلعات فئات واسعة من المجتمع المغربي التواق إلى غد افضل ، وفي مقدمتها الشباب العاطل عن العمل.

يجب الإقرار بأن ما يدفع الشباب اليوم إلى الشارع ،بعيدا عن القراءات السطحية أو الاتهامات المسبقة، ليس اندفاعا  نضاليا، بل هو نتاج تراكمات من الإقصاء الاجتماعي لهؤلاء إضافة  إلى غياب العدالة المجالية، وتراجع الأمل في المؤسسات. أبرزها المجالس المنتخبة ، هو احتجاج على سياسات لم تنتج سوى المزيد من الهشاشة واللا مساواة، في ظل تدهور واضح للخدمات العمومية، وعلى رأسها التعليم والصحة.

ونسجل بقلق كمتتبعيين للشأن الوطني  تزايد اعتماد الأسر على التعليم الخصوصي، في الوقت الذي كانت فيه انتظارات المغاربة بشكل عام والشباب المغربي بشكل خاص تنصب حول النهوض بالمدرسة العمومية، ما يعمّق الفجوة بين الطبقات الإجتماعية .

أما في قطاع الصحة، فالاختلالات صارخة، مع هيمنة متزايدة للقطاع الخاص، وغياب الجودة المطلوبة في المستشفى العمومي، رغم حجم الإنفاق العمومي في هذا المجال.

لكن، وفي مقابل هذا الواقع المأزوم، تبرز ضرورة التشديد على أن شرعية المطالب لا تبرر أبدًا أساليب العنف أو التخريب. فحين تنزلق الاحتجاجات إلى استهداف الممتلكات العامة أو الخاصة، أو إلى مواجهات مع القوى الأمنية، فإنها تفقد زخمها الأخلاقي والسياسي، وتُمنح خصومها فرصة الانقضاض على جوهرها المشروع.

وفي المقابل، فإن التعاطي الأمني المفرط أو المهين مع المتظاهرين لا يقل خطورة، بل يُسهم في تأجيج الاحتقان، ويفاقم فقدان الثقة بين الدولة وشبابها. ل
ويبقى على هذا الأساس   الحوار والإنصات، وتوفير فضاءات التعبير السلمي، هي السبيل الأمثل لاحتضان هذه الدينامية الشبابية بدل دفعها نحو التطرّف أو الإحباط.

المطلوب اليوم ليس فقط تفهّم غضب الجيل الجديد Z ، بل تحويل هذا الغضب إلى قوة اقتراح وتغيير. وذلك لا يتم إلا عبر مراجعة عميقة للسياسات العمومية، تضع العدالة الاجتماعية والمجالية في قلب أولوياتها، وتؤمن بأن لا تنمية بدون إنصاف حقيقي للشباب.

لقد أثبتت التجارب أن الاحتجاج السلمي الواعي هو وحده القادر على إحداث التغيير. أما العنف، فلا يُنتج إلا العنف، ويُضيّع فرص الإصلاح، ويشوّه المطالب، مهما كانت عدالتها.

يجب على جيل Z، بكل ما يحمله من حيوية وجرأة، أن يُدرك أن قوته في وعيه، لا في انفعاله. وفي صموده السلمي، لا في ردود أفعاله الغاضبة. فالتاريخ لا يتذكر من حطّموا، بل من غيّروا. والتغيير لا يأتي إلا من داخل إطار حضاري، سلمي، ومسؤول.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة