بعد مرور عامين على إحداث كلية الطب والصيدلة بمدينة الرشيدية، لا يزال مشروع بناء مقرها يتعثر ويتحرك ببطء. ورغم الأهمية الكبيرة لهذا المشروع في تحسين جودة التكوين الطبي وتلبية احتياجات القطاع الصحي، فإن الواقع الحالي يكشف عن قلق بالغ بشأن مستقبل التعليم الطبي في المنطقة.
وفي مشروع قانون المالية لسنة 2025، تم تخصيص اعتمادات مالية تقدر بـ80 مليون درهم، وهو ما يعادل 20% فقط من التكلفة الإجمالية المقدرة للمشروع، والتي تصل إلى 445 مليون درهم. هذا التوزيع المالي يعني أن إنجاز المشروع لن يكتمل قبل خمس سنوات إضافية، بشرط أن تبقى وتيرة البرمجة الحالية على حالها.
ويمثل هذا التأخير تهديدًا خطيرًا لمستقبل التكوين الطبي، حيث يتوقع أن تتخرج أفواج من الأطباء خلال السنوات المقبلة دون توفر الشروط الضرورية للتكوين والتدريب. الأمر الذي يضع جودة التعليم الطبي في خطر ويؤثر سلبًا على الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين.
وللتأكيد على عمق المشكلة، يمكن المقارنة بين هذا المشروع ومشروع كلية الطب بأكادير، التي بدأ العمل عليها في عام 2014 وتم افتتاحها في عام 2016. هذه الفجوة الزمنية بين المشروعين توضح الفشل في تحقيق تقدم ملحوظ في بناء مؤسسات تعليمية جديدة تلبي احتياجات القطاع.
ويثير هذا الوضع تساؤلات حقيقية حول إدارة المشاريع التعليمية في المغرب، ويعكس الحاجة الماسة إلى مراجعة شاملة من قبل السلطات المعنية. فالتعليم العالي والقطاع الصحي هما ركيزتان أساسيتان لتحقيق التنمية المستدامة، وغياب التكوين الجيد للأطباء قد يؤدي إلى تفاقم الأزمات الصحية في المستقبل.
ويتطلب الأمر تحركًا سريعًا وفعالًا من الحكومة والمؤسسات التعليمية لضمان توفير بيئة ملائمة لتكوين الأطباء، وتوفير الموارد اللازمة لإنجاز المشاريع التعليمية في الوقت المناسب. إن مستقبل التعليم الطبي في المغرب يتوقف على القدرة على معالجة هذه التحديات بشكل جاد وملموس.