الرشيدية 24: يونس مهداوي
لقد طفح الكيل و وصل السيل الزبى ، في زمن طغى فيه المطبلون و المطبلات على مواقع التواصل الإجتماعي ، في هذا المقال سأدون بأسلوب مختلف ، و قاس لكشف الصورة الحقيقية للمدنسين، و المطبعين مع الجهل الخرافي و الأمية المتضخمة، وناشري التفوق الوهمي للدولة؛ و أوضح بشكل نهائي أن المغرب من أسوء الدول للعيش بالنسبة للمواطن العادي بالأدلة الصادمة، و التي يخفونها عنكم ، رغم كل ما تسمعه من نفخ و كذب في التفوقات الوهمية إلا أن وضع المواطن المغربي يندى له الجبين ، ففي هذه التدوينة ستقرأ عن أرقام جد صادمة يتجاهلها المطبلون و” لحاسين الكابا” عن قصد ، لأنها معلومات تهم وضعية المواطن المغربي في حياته و جيبه لهذا يعملون جاهدين لإقناعك أنك تعيش في رغد و جنة كي لا تتساءل ،أين هي الثروة و عن دور الدولة؟. سأرفع شعار التحدي ضد كل مطبل أن يذكر ما ستقرأونه في هذا المقال أو يجيب عن هذا المقال ، فكلما تكلمنا باحترام و غيرة زاد المطبلون من تطبيلهم للحكومة وتناسلوا و تكاثروا كما تتكاثر الجراثيم و الطفيليات .
لماذا الصحافة الصفراء لا تهتم بأهم مؤشر و الذي يهم المواطن المغربي العادي إبتداء ممن يتقاضون أجرا شهريا لا يتجاوز 5000 درها مرورا إلى من لا يتقاضون درهما واحدا. هذه المواضيع لا ترغب الصحافة الصفراء التطرق إليها مكتفية بعرض صور وردية مستفزة تخفي واقعا مخيفا وراءها يجعل حياة المواطن في مهب الريح.
هناك منظمة تابعة للأمم المتحدة إسمها المنتدى الإقتصادي العالمي ، هذه المنظمة تصدر عدة مؤشرات ، على سبيل المثال ” مؤشر تنافسية الإقتصاد والتي منحت المغرب المرتبة 8 عربيا و 3 إفريقيا و 75 عالميا ، مراتب جيدة أفضل من تونس و الجزائر مما يدل على أن هذه المنظمة ليست ضد المغرب مما دفع المطبلون إلى مطالبة المنتقدين بالسكوت ششششش ، لكن نفس المنظمة تصدر مؤشرا أخر لكن الحديث عنه محرم وهو مؤشر التنمية البشرية ، الذي يرصد ويتتبع وضعية الإنسان في أي دولة بالعالم ، و قد تكون دولة غنية و قوية إقتصاديا لكن المواطن فيها مغيب و مهمش . مرتبة المغرب في هذا المؤشر جد كارثية رغم أنه يزخر بثروات مهة إلى أنها لم تشفع له إحتلال مراتب متقدمة بسبب سياسة تنموية فاشلة كلفت ميزانية الدولة الملايير ترجمت في الأخير إلى المرتبة 121 عالميا من بين 180 دولة خلف العراق و فلسطين و الجزائر و مصر و لبنان و تونس و ليبيا … هذا التصنيف يتكون من أمد الحياة الذي يعكس الحالة الصحية للسكان في كل أرجاء البلد . السؤال ؛ لماذا المواطن يقضي نحبه عن عمر لا يناهز 70 بينما في دول أخرى يلفظ المواطن أنفاسه الأخيرة عن عمر يناهز 80 سنة ؟ و العمر الجيد الذي تضعه المنظمة هو 85 سنة .
- أمد الحياة في المغرب هو 75 سنة كمعدل ؛ 77 سنة بالنسبة للمدن أما بالنسبة للقرى هو 73 سنة ؛ السؤال هنا ، لماذا المغاربة يفارقون الحياة قبل 10سنوات عن العمر الذي تضعه المنظمة ، أي أن المواطن المغربي يفارق الحياة عن سن مبكرة نسبيا ، الجواب و بكل بساطة هو قطاع الصحة ، لأن معدل الأطباء لكل 10 آلاف مواطن هو 6.2 مقابل 12 في الجزائر و تونس و 37 في إسبانيا ، أي أن دول الجوار كالجزائر و تونس تفوق المغرب بضعفين و إسبانيا بخمسة أضعاف ، هنا تظهر الأرقام على أن لكل 1600 مواطن مغربي طبيب واحد ، وهذا هو ما يفسر الإزدحام الذي تشهده المستشفيات و المواعيد التي تفوق أحيانا أكثر من 6 أشهر و سنة كاملة …إلخ ، قس على ذلك غلاء الدواء بسبب مافيا الأدوية و التي لا يجد لها المواطن سبيلا حتى أصبحوا يتسولون تكلفة الدواء في المواقع التواصلية و أمام المساجد و المقاهي… و هذا من أهم الأسباب التي تجعل المواطن يموت على الفراش ببطىء .
-العنصر الثاني الذي يتكون منه مؤشر التنمية البشرية هو الدخل الفردي ، فعلى سبيل المثال هناك دول تصل الضريبة فيها على الدخل إلى 40 % لكن تكلفة العلاج فيها بالمجان و مستشفيات كفنادق خمس نجوم …قس على ذلك مجانية التعليم و التي هي أفضل حالا من التعليم الخصوصي . بينما في المغرب تدفع 35 % كضريبة على الدخل ولا وجود لمستشفى مجاني ؛ حتى وإن وجد؛ تجد جودة الخدمات فيه لا تليق بالكرامة الأدمية بالرغم من الإقتطاعات … أما بالنسبة للتعليم العمومي فأغلب الأسر أصبحت تخاف على أبنائها من التعليم المجاني على وزن بغريرة و الحريرة… السؤال لماذا المواطن ملزم بالدفع رغم أنه يدفع في الأصل؟ ولماذا لا تقدم الدولة خدمات رغم الأقتطاعات؟ وماذا عن الحد الأدنى للأجور الذي لا يتجاوز 290 دولارا ؟ أي 2900 درهم ، و وجود مقاولات للبناء و شركات النسيج التي لا تصرح بعمالها أصلا ، أما بخصوص القطاع فالفلاحي
فيصل الحد الأدنى للأجور ل 1800 درهم و البطالة التي وصلت إلى12% حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن مؤسسة الدولة . بحضور كل هذه الأرقام نقول أن زمن العبودية يواصل المسير ؛ لأن المفهوم الحقيقي للعبودية هو أن تبقى على قيد الحياة و تعمل لتوفر لنفسك الأكل و المبيت ، فالحد الأدنى للأجور بالمغرب يشبه العبودية تماما ؛ لأنك بذلك لن تستطيع تكوين أسرة ولا العيش في الرفاه؛ قس على ذلك السيبة الحاصلة بسبب المعيشة المكلفة والتي تنتهي بسرقة جيب المواطن.
-العنصر الثالث و الذي يتكون منه مؤشر التنمية البشرية هو التعليم ، إنتشار الأمية بين الكبار و نسبة الإلتحاق بالمدارس بين الصغار و جودة التعليم … إلخ ؛ بالمغرب تصل نسبة الأمية بين القراءة و الكتابة بين كبار السن إلى 32% أما بالنسبة للصغار وهم مستقبل المغرب ففي كل سنة يصل 334 ألف طفل ينقطعون عن الدراسة و أغلبهم فتيات ، هنا مسؤولية الدولة أن تفتح تحقيق عن الأسباب التي تدفع الأطفال عن مغادرة المدارس في سن مبكرة ؛ مع فرض سياسة إجبارية التعليم و توفير كل الإمكانيات لأجل ذلك لأن الشعب الغير متعلم فهو ميت .
في الختام ؛ أذكر الحكومة أنه أكثر من 20 سنة و سياسة إهمال الكائن البشري في المغرب مستمرة ، أليست الأولوية لهذا الشعب المطحون؟ أم الأولوية للبنية التحتية و الأقتصاد و للإستثمار و للرأس مالية المتوحشة ؛ لكل شيء أولويته غير المواطن المغربي و النتيجة تأتي عكس المتوقع دول مفلسة و أخرى تعيش على واقع الحروب أفضل منا حالا بكثير في مؤشر التنمية البشرية ، و النتيجة أرض غنية و شعب فقير ، هذه هي الجريمة التي يرتكبها المطبلون للدولة و الحكومة تاركين المغرب يغرق في الرتية 120 من مؤشر التنمية البشرية و 101 في مؤشر جودة التعليم ، وأختتم هذا المقال بالمقولة الشهيرة لتشرشل ” أعطيني شعبا واعيا، أعطيك دولة عظمى”