تعتبر مهنة عمال التوصيل جزءًا أساسيًا من الحياة اليومية في المدن الكبرى، حيث يسابق هؤلاء العمال الزمن لتوصيل الوجبات الساخنة، سلات التسوق الطازجة، والأدوية التي يحتاجها الزبائن بشكل عاجل. ولكن وراء هذا النشاط الحيوي، يختبئ واقع مليء بالمخاطر والتحديات، فعمال التوصيل يواجهون يوميًا ظروفًا صعبة تضع حياتهم في خطر، دون وجود تأمين كافٍ أو حماية قانونية فعّالة.
وتتميز هذه المهنة بضغط العمل المتواصل، حيث يتعين على العمال إتمام توصيلاتهم في أسرع وقت ممكن، ما يعرضهم لحوادث مرورية عديدة. في حين أن البعض يعملون مع شركات كبرى توفر لهم تغطية تأمينية وحماية قانونية، إلا أن الغالبية العظمى من هؤلاء العمال ينشطون في القطاع غير المهيكل. هؤلاء يعتمدون بشكل رئيسي على شبكات الضمان الاجتماعي الحكومية، التي لا تكفي لتغطية احتياجاتهم في حال تعرضهم لحوادث أثناء العمل.
ويعمل معظم عمال التوصيل في بيئة مليئة بالتحديات، حيث تكون ساعات العمل طويلة والضغوط النفسية شديدة، إضافة إلى ظروف الطرق المزدحمة والمحفوفة بالمخاطر. يتعرض هؤلاء العمال بشكل مستمر لحوادث السير، التي قد تؤدي إلى إصابات خطيرة أو حتى الوفاة.
ورغم هذه المخاطر، لا يمتلك العديد من عمال التوصيل التأمين الذي يغطي تكاليف العلاج أو التعويضات في حال وقوع الحوادث، ما يجعلهم في مواجهة مباشرة مع مصيرهم دون أي حماية حقيقية.
كما أن الكثير من عمال التوصيل في القطاع غير المهيكل، لا يحصلون على حقوقهم العمالية بشكل منظم. لا تقدم لهم الشركات الصغيرة أو التطبيقات الإلكترونية التي يعملون معها تأمينًا مناسبًا أو دعمًا قانونيًا كافيًا.
وفي المقابل، تعتبر الحكومة المصدر الرئيسي للضمان الاجتماعي بالنسبة لهم، ولكن هذا النظام لا يكفي لتوفير الحماية الكاملة، خاصة في الحالات الطارئة.
إن غياب التأمين والحماية القانونية لعمال التوصيل يعكس نقصًا كبيرًا في التشريعات التي تنظم هذه المهنة، رغم أهميتها البالغة في الاقتصاد المعاصر. لا بد من تدخل سريع من الحكومات والشركات لتوفير تأمين شامل لجميع العمال في هذا القطاع، سواء كانوا يعملون مع شركات كبيرة أو في القطاع غير المهيكل. إضافة إلى ذلك، يجب أن تتم مراجعة قوانين العمل لتضمن حقوق هؤلاء العمال في حال تعرضهم للحوادث أثناء العمل.
إن توفير شبكة تأمين فعّالة لعمال التوصيل ليس مجرد ضرورة اجتماعية، بل هو جزء من مسؤولية المجتمع تجاه هؤلاء الأفراد الذين يلعبون دورًا محوريًا في تيسير حياة المواطنين اليومية.