شهد سوق الشغل في المغرب تطورًا سلبيًا خلال الفصل الثالث من عام 2024، حيث أظهرت المذكرة الإخبارية للمندوبية السامية للتخطيط ارتفاعًا طفيفًا في معدل البطالة ليصل إلى 13.6%. هذا الارتفاع يعكس تزايدًا في أعداد العاطلين عن العمل في مختلف أنحاء المملكة، ويشكل تحديًا إضافيًا أمام جهود تحسين وضعية سوق العمل في البلاد.
وعرف معدل البطالة في المغرب بحسب البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، زيادة بمقدار 0.1 نقطة مئوية، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، حيث كان المعدل في الفصل الثالث من 2023 قد بلغ 13.5%. هذا الارتفاع الطفيف يعكس تحولًا غير مرغوب فيه في سوق الشغل الوطني، في وقت تشهد فيه البلاد تحديات اقتصادية متنوعة، سواء على المستوى المحلي أو الدولي.
وفيما يتعلق بتوزيع البطالة بين المناطق، فقد أظهرت الإحصائيات أن الوسط القروي هو الأكثر تضررًا، حيث سجلت البطالة فيه ارتفاعًا بـ 0.4 نقطة، من 7% إلى 7.4%. بينما استقر معدل البطالة في المدن الكبرى، حيث ظل عند مستوى 17%، وهو الرقم نفسه الذي تم تسجيله خلال نفس الفترة من العام 2023.
وأظهرت المذكرة من جهة أخرى أن عدد العاطلين عن العمل في المغرب شهد زيادة ملحوظة خلال العام الحالي، حيث ارتفع عدد العاطلين بنحو 58 ألف شخص، ليصل الإجمالي إلى 1.683 مليون عاطل مقارنة بـ 1.625 مليون في الفصل الثالث من سنة 2023. هذا الارتفاع يعكس زيادة نسبتها 4% في أعداد العاطلين، ويعكس التحديات التي يواجهها سوق العمل الوطني في امتصاص الطلب المتزايد على الوظائف.
ويعتبر هذا الارتفاع في أعداد العاطلين عن العمل من أبرز المؤشرات التي تعكس الصعوبات الهيكلية التي يعاني منها سوق الشغل في المغرب، ويضع المزيد من الضغوط على الحكومة ومؤسسات القطاع الخاص لضمان خلق فرص عمل جديدة وتحقيق التنوع الاقتصادي.
ويعكس الارتفاع الطفيف في معدل البطالة، رغم أن نسبته تبدو منخفضة، واقعًا اقتصاديًا صعبًا، حيث يعاني العديد من الفئات، خصوصًا في المناطق القروية، من صعوبة في الحصول على فرص عمل مناسبة. يُعتقد أن هذا التوجه يعود إلى عدة أسباب، أبرزها البطء في تحسن قطاعات الاقتصاد المحلي، وخاصة في المجالات غير الصناعية، فضلاً عن تزايد عدد الخريجين الذين يعانون من محدودية الفرص الوظيفية.
كما يواجه الاقتصاد الوطني تحديات متزايدة على مستوى توفير بيئة مناسبة للاستثمار، وهو ما يؤثر بشكل غير مباشر على سوق العمل. كذلك، فإن التقلبات المناخية والأزمات الاقتصادية العالمية مثل التضخم وارتفاع أسعار الطاقة قد تكون قد أثرت على قدرة الشركات على توفير وظائف جديدة أو الحفاظ على الوظائف الحالية.
وعلى الرغم من التحديات التي يواجهها سوق العمل في المغرب، إلا أن هناك العديد من الجهود التي يمكن أن تساهم في الحد من مشكلة البطالة. من بين هذه الحلول، يمكن التركيز على تحفيز الاستثمارات في القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، والصناعات الخضراء، والخدمات، بالإضافة إلى دعم المبادرات الريادية والصغيرة والمتوسطة.
ويعد تطوير التعليم المهني والتقني جزءًا مهمًا من الحلول المحتملة، حيث يمكنه أن يسهم في تزويد الشباب بالمهارات التي تتماشى مع احتياجات السوق المحلي والدولي. كما أن تحسين البنية التحتية في المناطق القروية قد يسهم في تقليل الفجوة بين المناطق الحضرية والريفية في ما يتعلق بالفرص الاقتصادية.
ويظل معدل البطالة في المغرب تحديا مستمرا رغم الجهود المبذولة للحد من آثاره. ويبقى الاهتمام بإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة لخلق فرص العمل، وتطوير السياسات الاقتصادية التي تستجيب لحاجات مختلف الفئات الاجتماعية، أمرًا ضروريًا لمواجهة هذه الظاهرة التي تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.