ورزازات..ونحن على بعد ايام قليلة من تنظيم الدورة 12 للمهرجان الوطني لفنون احواش بورزازات، تحت الرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، تنتظر ساكنة وزوار الاقليم، ومعهم المهتمين والفرق المحلية بفارغ الصبر هذه التظاهرة، وعلى ألسنتهم تساؤلات عديدة ابرزها تشير الى اي حد ما ستختلف دورة 2024 عن باقي الدورات الاخيرة السابقة.
مرة أخرى هواجس مقلقة تراود المتتبعين والمهتمين بالموروث الثقافي من قبيل احواش، أن مهرجان احواش بورزازات، حتى إن رصدت له ميزانية ضخمة، ورغم الرعاية الملكية السامية التي حضي بها، لا محال سيعاني كعادته ما دام لم تتغير الأفكار، والوجوه المسيطرة على التنظيم، وتغيير نمط التنظيم والبرامج المتجاوزة، وتجاوز السينوغرافيا التقليدية للخشبة، وايضا انفتاح المهرجان على محيطه، من خلال أنشطة موازية في شتى جماعات الإقليم نظرا لما لهذا المورث الثقافي من اهمية بالغة لدى محبيه في كل مناطق الاقليم واشراك نخبهم في التنظيم، من قبائل ايت واوزكيت وتلوات، مرورا بقبائل أهل ورزازات، وصولا عند قبائل إكرنان وإمغران، اهل سكورة ودون تحفظ تخلصه من الرقابة التي تشمله ويستفيد منها البعض في كوالسه ودواليبه.
مهرجان أحواش بورزازات سيشرف على تنظيمه في الدورة القادمة دون شك، جمعية تم تأسيسها خصيصا للإشراف على تنظيمه، وبسرعة البرق لتشرف على فعالياته، دون الإعلان عن موعد التأسيس، وفي سرية تامة تطرح أكثر من شكوك وتساؤلات، والتي تحاسب عليه الجمعيات الصغيرة في التأسيس أو التجديد باستحضار القوانين والمراسيم وانتظار الوصل المؤقت وخصوصا نهائي شهور قيد البحث الروثيني وكثرت الصعود والهبوط وما إلى ذلك…، وأكثر من هذا يتم تغييب وعدم استدعاء المهتمين بشؤون احواش الحقيقيين، بل حتى دون إشراك “ايت احواش مقورنين إسوان أماننسن” بالمثل الامازيغي لأهل ورزازات، او اهل احواش الحقيقيين باللغة العامية.
وسيضل مرة أخرى هذا السرح الفني والثقافي (احواش ورزازات) متنفسا لمعاناة فرقه المحلية والمنتسبين لها، والتي أصبحت وسيلة للتنشيط والتنمر لحجب مشاكل التنمية بالإقليم ومعيقاتها، وكل ذلك من خلال برامج لا ترقى إلى طموحات ساكنة ورزازات، ودون التفكير في تثمينه ودعم أصحابه والمنتمين له البسطاء.
إن ما يطمح اليه سكان الاقليم ليس تنظيم نسخة كل سنة دون الرقي بفعاليات التظاهرة التي يمكن ان تلعب دورا بارزا في التنشيط الثقافي والسياحة للمدينة والاقليم عامة، بل يطمحون إلى إعادة البريق والاعتبار لهذه التظاهرة، منذ أن غاب الفنان الكبير عباس فراق عن الإدارة الفنية لهذا المهرجان، وحينها كانت دورة متميزة بكل المقاييس، كان نجاحها المنقطع النظير متمثل في الاستعانة بالكفاءات المحلية بعد أن اتجه عباس الى الطاقات المحلية بعيدا عن المحسوبية والزبونية والمقامات المقربة…
كيف لتظاهرة، ومعها باقي التظاهرات الثقافية والفنية بالإقليم، أن تتطور دون دعمها من مؤسسات تستغل ثروات الاقليم من قبيل الشركات التي تنعم (على مقاس أنعمتم لفنان الكوميدي باسو) من مناجم الإقليم مركزيا ومحليا، وأخرى من مقالعه، وتلك التي تنعم بطرق يكتفها الغموض من مزايا فرص الاستثمار المتاحة في الإقليم حد الاغتناء دون الاسهام في مثل هذه التظاهرات، التي اصلا تلعب دورا حيويا في جلب الاستثمار، والكفيلة بجدب السياح والترويج للوجهة السياحية لورزازات.
ومن أجل الاعتناء، بالثقافة والفنون بالإقليم، وجب الاهتمام بالجمعيات المحلية الفاعلة في هذا المجال بدل خلق جمعيات من رحم المؤسسات والقطاعات العمومية، التي من الاجدر أن تكتفي بأدوارها في تيسير شؤون المرتفقين والتي يتم اهمالها في العديد من الادارات العمومية، ولأن العمل الجمعوي في ورزازات له مجتمع مدني قوي، وله ايضا رصيد من الكفاءات ذات تجربة وخبرة يتمناها الجميع الا المسؤولين بها، وبدل اللجوء إليها والاستعانة بها في مثل هذه التظاهرات إلا في الاشغال الشاقة أو ( لا نصلح الا للمكرضول) كما ينطقها أبناء الإقليم بكل مرارة.
إذا كان هم القائمين على الشأن الثقافي والفني، وكدا الشأن الرياضي، وبشكل عام التنمية بالإقليم، فلابد أن يركزوا اهتمامهم بالتظاهرات التي لها من الدورات اكثر من مقام عدد هائل من المسؤولين داخل هذا الاقليم بدون شك، والتي تنظم من طرف جمعيات محلية مؤهلة لذلك، ومن الاجدر واللائق أن يعود تنظيم هذه التظاهرة إلى الجمعيات المحلية لها سيط وتجربة قيمة يضرب بها المثل بد أن يتم اقصائها وتقزيم ادوارها، إضافة إلى تقليص استفادتها من مخصصات الدعم والمنح، بل اقصائها في بعض المرات من الدعم العمومي، وهذا يمهد لمحوها وسحب البساط منها عندما تشاهد تأسيس جمعيات بديلة لتنظيم عدد من التظاهرات والبرامج والانشطة داخل المدينة والاقليم باتفاقيات دعم، وميزانية دسمة لا يمكنك مناقشتها كأنها خطوط حمراء لا يجب عليك الخوض فيها… يتبــع.