موقف لاتحسد عليه ذلك الذي تتخبط فيه وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة إزاء ملف الموقوفات والموقوفين،فلاهي امتلكت الجرأة والإرادة لطي هذا الملف بإرجاع الأستاذات والأساتذة دون قيد أو شرط إلى فصولهم الدراسية ولا هي تمادت في شططها وأصدرت العقاب في حقهم بموجب ما تدعيه من تهم ومؤاخذات استوجبت تسليط الفصل 73من النظام الأساسي للوظيفة العمومية مدعية ازتكابهم لهفوة خطيرة وأعملت فيهم مقتضى الفصل المشؤوم بالتوقيف المؤقت عن العمل مع توقيف الأجرة ماعدا التعويضات العائلية إلى حين المثول أمام مجالس انضباطية، وقبل الاسترسال في الحيص بيص الذي وقعت فيه الإدارة أود أن أذكر نساء ورجال التعليم ببعض مطالب الحراك التي لم تكن أحيانا في خدمة الشغيلة ،ذلك أن مسودة النظام الأساسي الذي طالب بعض المندفعين بسحبه وإلغائه جملة وتفصيلا قد جاء بعقوبات بديلة وممهننة بدرجات أربع متدرجة،ولعل من فضائلها عدم توقيف المدرسين واقتطاع الثلث من أجورهم لمدة أقصاها ستة أشهر،وأجزم أن هذا الجزاء أرحم بالموقوف من تسليط الفصل 73من النظام الأساسي للوظيفة العمومية،وقد بحت أصواتنا بسبب النداء بتعديل المسودة بدل سحبها بالإبقاء على الصالح منها ومراجعة الطالح ومنها مقترحات التأديب،ولقد سارعت الوزارة الماكرة إلى تلبية مطلب المتهورين هذا وبادرت الى إلغاء تلك العقوبات التي يدعي من لايفهم أنها مجحفة وكونها وردت في صفحتين ،وقد عادت الوزارة بنا في أول اجتماع مع النقابات إلى العقوبات المعهودة والتي اكتوى بها العديد من نساء ورجال التعليم الذين وصل توقيف أجورهم حتى السنتين وأكثر وهو ما دفع بالبعض الى الانتحار. إن الفصل الذي لم تجرؤ الوزارة على تطبيقه يوم 3ماي بسبب غياب دفوعات دامغة لدى الإدارة وبسبب عدم اقتناع ممثلي الإدارة أنفسهم بالمنسوب إلى الماثلين أمامهم رافضين الإملاءات لكونهم أولا وأخيرا رجال ونساء تعليم في مواجهة وسجال مع نظرائهم ،كل هذا جعل الإدارة في موقف محرج ناهيك عن الضغوطات التي تشكلها النقابات والإعلام وممثلي الموظفين في حضيرة اللجان الثنائية أضف إلى ذلك منطوق الفقرة الثالثة من الفصل 73 ينص على أنه “في حالة التوقيف يجب استدعاء المجلس التأديبي في أقرب أجل ممكن كما يجب أن تسوى نهائيا حالة الموظف الموقف في أجل أربعة أشهر، ابتداء من اليوم الذي جرى فيه العمل بالتوقيف. وإن لم يصدر أي مقرر عند انتهاء هذا الأجل فإن الموظف يتقاضى من جديد مرتبه بأكمله”.
فوفق المادة 73 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية وهي مادة واضحة لا تقبل التأويل، ورجوعا إلى ما أوخذ الموقوفون به فعودتهم ستكون بعد أسبوع من الآن في حالة عدم اتخاذ قرار ضدهم في الأيام القليلة المٌُقبلة بعد انصرام أربعة أشهر ، ورواتبهم ستصرف منذ قرار التوقيف كاملا وبأثر رجعي. إن هذه التوقيفات التي لم تقتنع بها وزارتنا في قرارة نفسها ولجأت إليها مكرهة بإملاء من أم الوزارات وإن صدرت عنها عقوبات مهما كان حجمها ستكون وزارتنا قد ارتكبت خطأ جسيما و هفوة خطيرة قد تجر المنظومة التربوية من جديد إلى منزلق خطير تستوجب مثول حكومتنا أمام مجلس تأديبي دولي يدينها بالتضييق على الحريات ومصادرة حق الإضراب والاحتجاج. إن إحالة موظفي القطاع على عقوبات الوظيفة العمومية تجعلنا مطالبين بالنضال من أجل تعديل هذا النظام الجديد بهدف إسقاط الفصل 73وإقرار عقوبات تنسجم ومهنة التعليم كما تتطلب منا الترافع لتكون المجالس التأديبية ذات صبغة تقريرية بدل استشارية من شأنها اتخاذ الجزاء دون رفعه إلى الوزارة للتأشير عليه وهو ما يتطلب شهورا أو أعواما تضيع فيها حقوق الموظف بين متاهات الوزارة ومصالحها الخارجية . أقول قولي هذا وأدعو مسؤولينا إلى طي هذا الملف بحكمة وتبصر دون غالب ولا مغلوب.
المجالس التأديبية هل هي هفوة خطيرة للوزارة؟
Comments تعليق واحد
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
برافو عليك يا أستاذي المحترم رأي متميز و وجهة نظر ثاقبة و تحليل منطقي