تشهد منظومة الصحة العمومية بالمغرب، وخاصة على مستوى جهة سوس ماسة، تحولا لافتًا مع دخول وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مرحلة جديدة من الإصلاح ترتكز على ربط المسؤولية بالمحاسبة، إلى جانب تحسين البنية التحتية والتجهيزات.
وبرز في قلب هذا التحول، مستشفى الحسن الثاني بأكادير كنموذج لتفعيل هذه المنهجية، حيث قادت الوزارة تدخلا حازمًا على خلفية احتجاجات المواطنين وتسجيل اختلالات تدبيرية واضحة.
وأسفر التدخل عن إعفاء عدد من المسؤولين البارزين، من ضمنهم المديرة الجهوية والمندوب الإقليمي للصحة، إضافة إلى مدير المستشفى، وذلك بعد رصد تقصير إداري وغيابات متكررة وغير مبررة داخل المؤسسة.
وجاءت زيارة وزير الصحة والحماية الاجتماعية إلى المستشفى حاملة لقرارات وصفها مراقبون بالحاسمة، لم تقتصر فقط على الإعلان عن مشاريع استشفائية جديدة، بل شملت أيضا إجراءات تأديبية وتنظيمية صارمة، تعكس إرادة سياسية واضحة لإنهاء زمن الفوضى داخل المرافق الصحية.
وتعمل لجنة مركزية أوفدتها الوزارة منذ أسبوع على تتبع الوضع الميداني بشكل يومي، وتواصل مهامها التنسيقية مع الأطر الطبية والإدارية من أجل تقديم حلول عاجلة وتحسين ظروف العمل والاستقبال.
كما تم إعفاء شركات مكلفة بالحراسة والنظافة والاستقبال، بسبب تدني جودة الخدمات، مع الشروع في مسطرة تعويضها بشركات جديدة وفق دفاتر تحملات محدثة ومعايير أكثر صرامة.
وتم تسلّم جهاز تصوير طبي متطور (سكانير)، يُرتقب تشغيله قريبًا بعد استكمال التجارب التقنية، في حين تم تخصيص غلاف مالي قدره 200 مليون درهم لتأهيل وتجهيز مستشفى الحسن الثاني، في إطار مشروع يمتد تنفيذه دون المساس باستمرارية الخدمات الصحية.
كما تتواصل أشغال المستشفى الجامعي الجديد بأكادير، الذي بلغ مراحل متقدمة، وسط تعويل كبير على افتتاحه قريبًا كرافعة بنيوية لتحسين المنظومة الصحية بالجهة.
هذا وقد فتحت المفتشية العامة للوزارة تحقيقًا شاملاً بشأن عدد من حالات الوفاة المثيرة للقلق داخل المستشفى، على أن تُحال نتائجه إلى الجهات القضائية المختصة لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
الإصلاح الجاري بمستشفى الحسن الثاني لا يبدو مجرد ردة فعل مؤقتة، بل جزء من مسار أوسع نحو إصلاح عميق وشامل للقطاع الصحي، يقوم على الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، واستعادة ثقة المواطنين في الخدمات الصحية العمومية.
