الرشيدية 24 : الحبيب بلوك
بدأت تتكرّر في الآونة الأخيرة ظاهرة خطيرة ومقلقة تتجلى في العثور على جثث متحللة داخل صهاريج مياه تابعة للضيعات الفلاحية ،في عمق الواحات وأحزمة التوسع الفلاحي الممتدة على طول عشرات الكيلومترات في جهة درعة تافيلالت، وتحديدا بإقليم الرشيدية،
يجري هذا في حوادث متفرقة ومتعددة، تختلف في تفاصيلها، لكنها تلتقي عند نفس النهاية المأساوية: ضحايا يسقطون داخل هذه الخزانات العميقة، ولا يعودون أحياء.
فقد تم اول امس انشال جثة متحللة لشخص مجهول االهوية إلى حد الساعة ، ولم يقتصر الامر عند هذا بل جرى في ما مضى اكتشاف جثث أخرى لمختلين عقليًا أو شبان في مقتبل العمر، قرروا السباحة في الصهاريج هربا من حرارة الصيف المشتعلة، لكنهم لم يتمكنوا من الخروج أحياء.
ووفق شهادات من داخل الإقليم، فإن بعض الجثث يعثر عليها بعد أيام أو أسابيع، في حالة تحلل متقدمة، ما يصعب مهمة تحديد الهوية، ويعقد ظروف التحقيق.
وتستعمل الصهاريج في الضيعات الفلاحية بالمنطقة لتجميع مياه الآبار، التي تُستخدم في السقي بنظام التنقيط، خصوصًا لأشجار الزيتون والرمان والنخيل إضافة إلى أشجار اخرى مثمرة .، غالبية هذه الصهاريج تُغطى بالبلاستيك العازل لمنع تسرب المياه، وتكون عميقة تتراكم في قعرها طبقات طينية أو كلسية. هذه الطبقات تتحول إلى مصائد قاتلة، تجعل من مهمة الخروج شبه مستحيلة في حال السقوط، لا سيما في غياب سلالم إنقاذ أو آليات تدخل سريعة.
كما لا تتوفر معظم هذه الخزانات على أي سياج وقائي، ما يجعلها مكشوفة ومتاحة لأي عابر سبيل، سواء من المشتغلين في الضيعة أو من الغرباء، خصوصا أن المنطقة تعرف حركة مستمرة لمهاجرين سريين، ومختلين عقليا، وأشخاص في وضعية هشاشة.
ويشار أن درجات الحرارة في إقليم الرشيدية تتجاوز في غالب الأحيان ل 45 درجة مئوية، ما يدفع البعض، خصوصا من فئة الشباب أو العمال الموسميين، إلى البحث عن أماكن للاستحمام أو الترفيه. وبغياب مرافق عمومية مخصصة لذلك، يتحول الصهريج إلى “بديل قاتل”.