تعرف مدينة الرشيدية في الآونة الأخيرة انتشارا ملحوظا للمرضى عقليا ونفسيا الذين يتجولون في شوارع المدينة في ظروف مزرية، ما أصبح يشكل تهديدًا مباشرًا على صحتهم النفسية والجسدية، ويثير قلق السكان المحليين.
والظاهرة لا تعد مجرد حالة فردية، بل هي مؤشر على مشاكل هيكلية في النظام الصحي والاجتماعي بالمنطقة، وتستدعي تدخلًا عاجلًا من السلطات المعنية.
وأصبحت هذه الظاهرة حسب العديد من النشطاء المحليين تشكل خطرا حقيقيا على المرضى أنفسهم، بالإضافة إلى محيطهم الاجتماعي.
ويظل الوضع على حاله بسبب النقص الكبير في الأطر الطبية والتمريضية المتخصصة، فضلاً عن غياب الأدوية المناسبة التي تحتاجها هذه الفئة من المرضى،في الوقت الذي تبذل فيه السلطات المحلية جهودا لمحاربة هذه الظاهرة .
ويبقى نقص المرافق الصحية المخصصة لعلاج الأمراض النفسية والعقلية أحد الأسباب الرئيسية وراء تفاقم المشكلة . فالجناح المخصص لهذه الحالات المجاور للمستشفى الجهوي مولاي علي الشريف بالرشيدية يعاني من قلة الإمكانيات، ما يعطل عملية العلاج بشكل فعال.
ويزيد من تفاقم الوضع قلة أماكن الإيواء التي يمكن أن تستوعب المرضى خلال فترة العلاج، مما يضطرهم للعودة إلى الشوارع، خاصة في المناطق النائية والجماعات الترابية التابعة للإقليم.
ولا تقتصر هذه المشكلة على البُعد الصحي فقط، بل تتداخل مع القضايا الاجتماعية والإنسانية. فالمرضى العقليون والنفسيون في المدينة غالبًا ما يعانون من تجاهل مجتمعي، ويعيشون في ظروف قاسية تزيد من معاناتهم. وفي ظل قلة مراكز الإيواء المتخصصة، يبدو أن الحلول الجزئية التي يتم تنفيذها لا تفي بالغرض المطلوب.
كما تتطلب هذه الظاهرة تدخلا جادا من وزارة التضامن الاجتماعي والجهات الصحية المختصة، لتوفير بنية صحية واجتماعية قادرة على استيعاب هذه الحالات وتقديم العلاج اللازم لها.
ويجب أن تتضمن الحلول المقترحة إنشاء مراكز إيواء متخصصة، توفير التدريب للأطر الطبية والتمريضية، بالإضافة إلى تزويد المستشفيات بالأدوية اللازمة لعلاج الأمراض النفسية والعقلية.
كما ينبغي تعزيز التنسيق بين السلطات المحلية والمجتمع المدني لمكافحة هذه الظاهرة بشكل متكامل.
إن معالجة هذه الظاهرة ليس فقط مسؤولية وزارة التضامن الاجتماعي، بل هو مسؤولية جماعية تشمل كل القطاعات المعنية، بدءًا من السلطات المحلية وصولاً إلى المجتمع المدني. وفي حال عدم اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة، فإن مشكلة المرضى العقليين والنفسيين ستظل تؤرق مدينة الرشيدية وتفاقم من معاناتها.