الرشيدية24…عبد الغني لمرابط
في الأوساط الإعلامية، لا تخلو الصحف والمنابر الإخبارية من مواد تثير الجدل وتحرك مياه الرأي العام الراكدة. ولكن بقدر ما يكون للإعلام دورا في إلقاء الضوء على المواضيع الساخنة والقضايا المثيرة للانقسام، يجب أن يظل متيقظا ودقيقا في تبني مهنية لا تقبل الشك. لعل الشكاية المقدمة ضد سعيد كاريمي، رئيس جماعة الرشيدية، نموذجا يستحق البحث والتحري.
طالعتنا جريدة “كود” بمقال يدعي أن الوكيل العام للملك بفاس توصل بشكاية ضد الرئيس المذكور وبعض أعضاء الجماعة، منهم المديرة العامة للمصالح، مريم بوداش. يعتمد المقال على ما وصفه بـ”مصادر مطلعة” ليؤكد أن هناك جرائم معاقب عليها قانونا قيد الدراسة. ورغم ثقل الاتهام، تبقى الأدلة على ذلك مبهمة، وتطفو على السطح تساؤلات حول مصداقية الادعاءات.
من المسؤولية والمنطق أن نعي أن الاتهام ليس إدانة، وأن الشكاية في دولة القانون تحتاج إلى ثبوت واضح. وإذا كانت هناك مصادر داخل الجماعة تقرأ الشكاية بوصفها كيدية من مصدر مجهول ولا أساس لها من الصحة، فإن المهمة الملقاة على عاتق الإعلام تستلزم الحجة والبرهان.
نقدر دور النيابة في التقصي والفصل في الادعاءات، وهذا ما يفصل بين الأمور الرسمية والافتراءات المحتملة. وفي الانتظار، تقع على الإعلام أيضا أمانة إثبات حياده واستقلاله عن تأثير الإشاعات ومصالح الجهات التي قد تستثمر في نشر البلبلة والباطل.
من الأهمية بمكان الوقوف على أرض صلبة من الحقائق والشفافية، معززة بالدليل ومؤيدة بالحجة، لا أن يتم الاغتراف من مياه مشكوك في نقائها. فشرف الأفراد ومسارهم المهني يستحق منا جميعا، إعلاما وجمهورا، تحريا غير مسيّس أو مشوه بنزعات قد تكون خفية، تطل من خلف ستار الكلمات والعناوين الرنانة.
إن الحق يتجلى في ميدان الأحداث عبر سياج القانون وليس في ساحات التشهير أو الاغتيالات الأدبية التي لا تخلو من التأثير السلبي على جوهر العدالة وروح الحقيقة. وفي الاحترام لهذه المبادئ، نبقى في انتظار أن تسفر التحقيقات عن نتائج مؤكدة، لنعاين جليًا حيث تتجه بنا سفينة العدل.