تستمر أزمة الغلاء في المغرب، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام تحديات كبيرة في مواجهة الارتفاع المستمر لأسعار المواد الأساسية. وفي استطلاع حديث أجرته مؤسسة “سونيرجيا”، أظهر 83% من المشاركين أن أسعار المواد الغذائية في البلاد تواصل صعودها بشكل مستمر، مما يزيد من معاناتهم اليومية ويؤثر على قدرتهم الشرائية.
ويشعر العديد من المغاربة بأن غلاء الأسعار أصبح يشكل عبئاً إضافياً على ميزانياتهم، حيث تُظهر نتائج الاستطلاع أن غالبية الأسر لم تعد قادرة على التأقلم مع الزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة. ففي حين أفاد 83% من المستجوبين بأن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في الأشهر الأخيرة، لم يلاحظ سوى 9% منهم استقراراً في الأسعار، بينما قال 2% فقط إن الأسعار شهدت انخفاضاً طفيفاً خلال نفس الفترة.
وقد أصبح هذا الوضع يشكل تحدياً كبيراً للأسر التي تجد صعوبة في تأمين احتياجاتها الأساسية، خاصة مع تزايد الاعتماد على المواد الغذائية الأساسية مثل الخبز والحبوب والزيوت، التي شهدت أسعارها ارتفاعات ملحوظة في الأشهر الماضية.
ومن بين المواد التي تأثرت أكثر من غيرها من ارتفاع الأسعار، تتصدر اللحوم الحمراء قائمة المواد التي شهدت زيادات كبيرة. وفقاً لنتائج الاستطلاع، أشار 68% من المستجوبين إلى أن أسعار اللحوم الحمراء كانت الأكثر ارتفاعاً في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما يضع ضغطاً إضافياً على الأسر التي كانت تعتمد بشكل كبير على هذه المادة البروتينية في غذائها اليومي.
ولا يشمل هذا الارتفاع في أسعار اللحوم فقط اللحوم الطازجة، بل يمتد أيضاً إلى اللحوم المعالجة والمجمدة، مما يجعلها بعيدة عن متناول الكثير من المواطنين، خاصة في ظل تدهور القدرة الشرائية للعديد من الفئات الاجتماعية.
ورغم التصريحات الحكومية المتعددة حول اتخاذ إجراءات لمكافحة ارتفاع الأسعار، لا يزال المواطنون في انتظار نتائج ملموسة. فقد كانت الحكومة قد أعلنت عن بعض التدابير لمراقبة الأسواق، لكن تزايد الأسعار يعكس غياب آليات فعالة للحد من هذه الزيادات، ما يزيد من فقدان الثقة في التدابير الحكومية.
ويبقى المواطن المغربي في مواجهة حقيقية مع التضخم، الذي طالما اعتُبر أحد أكبر التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، وأدى إلى تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي للكثير من الأسر.
وتتجاوز تداعيات غلاء الأسعار الجانب الاقتصادي، لتطال أيضاً البُعد الاجتماعي. فمع تزايد الأعباء المالية، تجد العديد من الأسر نفسها مضطرة للتقليص من استهلاك المواد الغذائية الأساسية أو تعديل أنماط استهلاكها، مما يؤثر على صحتها الغذائية وعلى جودة حياتها بشكل عام.
كما أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية ينعكس بشكل مباشر على فئات المجتمع الأكثر هشاشة، مثل الفقراء وذوي الدخل المحدود، الذين يصبحون الأكثر تأثراً بهذا الوضع. في المقابل، فإن الزيادة المستمرة في الأسعار تؤثر سلباً على الاستقرار الاجتماعي وتفاقم التوترات الاقتصادية، مما قد يزيد من حالة الاحتقان في المجتمع.
و يشكل استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية في المغرب ،تحدياً حقيقياً للحكومة والمجتمع على حد سواء. ومن الضروري اتخاذ خطوات فعالة لمعالجة هذه الأزمة، سواء من خلال دعم الأسر المتضررة أو من خلال تحسين آليات المراقبة والحد من المضاربات التي تؤدي إلى زيادة الأسعار. على الحكومة أن تدرك أن القدرة الشرائية للمواطنين تزداد هشاشة في ظل هذه الظروف، وأن العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية أصبح أكثر من ضرورة، بل واجباً عاجلاً.