تنتظر الأسر المغربية مع نهاية كل موسم دراسي لحظة تتويج أبنائها في حفلات تقيمها المؤسسات التعليمية احتفاءً بالجهد والمثابرة، واعترافاً بكفاءات التلاميذ وإنجازات الأطر التربوية.
غير أن ما شهدته بعض الاحتفالات خلال نهاية الموسم الدراسي 2024/2025، خاصة تلك التي نظمتها بعض المؤسسات الخاصة، أثار موجة استياء عارمة في أوساط المهتمين بالشأن التربوي.
فقد تحولت الاحتفالات في بعض الحالات إلى عروض تفتقر إلى المضمون التربوي، بل وتتنافى أحيانا مع القيم التي يُفترض أن تغرسها المدرسة في نفوس الناشئة. ففي إحدى المؤسسات الخاصة بمنطقة درب السلطان في الدار البيضاء، استقدمت “فنانة” قدمت عرضا وُصف بأنه بعيد كل البعد عن الاحتشام، اعتمد على حركات جسدية مثيرة، وسط حضور تلاميذي، ما أثار ردود فعل قوية على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما شهدت مؤسسة تعليمية خاصة بجهة درعة تافيلالت وبالتحديد بمدينة الرشيدية حفلا مماثلا، اكتفت خلاله الإدارة بجلب بعض المغنين المحليين، دون أن تولي أي اهتمام لتتويج المتفوقين أو تكريم الأساتذة، وكأن الهدف لم يكن سوى إنهاء السنة الدراسية بطابع احتفالي فارغ من أي محتوى تربوي.
ما يغيب عن مثل هذه المبادرات هو أن المدرسة ليست فضاءً للترفيه العابر، بل هي مؤسسة ذات رسالة واضحة، تسعى لتكوين جيل قادر على العطاء والمساهمة في بناء الوطن.
فكيف يمكن لمؤسسة تعليمية أن تغض الطرف عن تكريم النجباء، والاحتفاء بالمجتهدين، وتجاهل شكر الأساتذة الذين ساهموا في صناعة هذا النجاح؟ وكيف نُربي أبناءنا على القيم والمسؤولية والجدّ في فضاء يقدّم لهم النموذج النقيض؟
يعد التعليم بناء متكامل للوعي، وغرس للهوية والقيم والمبادئ. وأي انحراف عن هذه الرسالة، مهما كان مبرره، يمثل خطراً على مستقبل الأجيال، ويفرغ العملية التعليمية من مضمونها.
لا يجادل أحد في أهمية الاحتفال والفرح بنهاية موسم دراسي، لكن يجب أن يتم ذلك في إطار يحترم قدسية المدرسة، ويعلي من شأن العلم والتميز والاجتهاد. فكرامة المتعلمين والمتعلمات، ومجهودات الأساتذة، تستحق أكثر من موسيقى صاخبة أو عروض رخيصة لا تليق بحرمة المؤسسات التعليمية.