القصر في واحات الجنوب الشرقي.. موروث ثقافي فريد في وسط متحول

24 يونيو 2023
القصر في واحات الجنوب الشرقي.. موروث ثقافي فريد في وسط متحول
الرشيدية 24: متابعة

إن وصف “القصر” بواحات الجنوب الشرقي بالموروث الثقافي الفريد لم يكن مجرد تنميق له، إنما هي حقيقة تفرض ذاتها لعدة اعتبارات، رغم أنها تكاد تغيب عند كثير من المهتمين والدارسين لهذا المجال الجغرافي؛ بل إنه ليس من قبيل المبالغة إذا قلنا أن هندسة القصر المعمارية التي تضفي عليه مجموعة من الخصائص تجعل منه أهم تراث مادي في هذه المناطق رغم ما أصابه ولايزال يصيبه من أشكال التدمير والتهميش والإهمال جعلته يفقد الكثير من مميزاته ووظائفه المادية والرمزية.
يستجيب تصميم “القصر” المعماري للكثير من الحاجيات التي فرضت نفسها في لحظات تاريخية سابقة، لعل أهمها حاجة ساكني هذه المنطقة لحماية أنفسهم من الأخطار التي تهددهم سواء من طرف الانسان أو من طرف الطبيعة. ومن جهة أخرى فهندسة القصر صممت كاستجابة أيضا لمتطلبات المناخ الحار صيفا والبارد شتاء. ومن جهة ثالثة فهو يستجيب كذلك للحاجيات الاجتماعية لساكنة الواحة. كما أن القصر يمكن الساكنة من تحقيق التبادلات التجارية والقيام بالصناعات التقليدية، وكذلك تخصيص أماكن لتربية مواشيهم. فما هي دلالة القصر وتعريفاته؟ وما هي أهم خصائصه ووظائفه من خلال بعض الدراسات التي أجريت حول المجال الواحي بالجنوب الشرقي؟ وما هي أبرز التحولات التي عرفها إلى غاية يومنا هذا؟

دلالة القصر وخصائصه في الدراسات الأجنية والمحلية:
للاقتراب من مصطلح “القصر” واستعمالاته يشير حسن حافظي إلى أن هذه الكلمة “تقابلها كلمة الدوار أو الدشر في باقي مناطق المغرب الأقصى، وهي تستعمل للدلالة على السكن القروي في واحات وادي زيز ووادي غريس وكذلك وادي دادس ودرعة، كما تستعمل بعض الكلمات الأخرى كمرادف لها كالقصبة وكذلك كلمة “كصيبة” التي هي تصغير للقصبة والقصر. وتسمى القصور الأمازيغية “إغرمان” ومفردها “إغرم”[1]. وبالتالي فأول دلالة ترتبط بتوظيف كلمة “القصر” بالواحة، تتمثل في كونه عبارة عن وسط يقطنه تجمع سكاني قروي، أي أنه عبارة عن مجموعة من المنازل المجمعة في مجال جغرافي يسمى الواحة وفق عدد العائلات الموجودة. وقد تختلف “القصور” بواحات الجنوب الشرقي في شكلها وخصائصها الجزئية حسب متغير المجال الجغرافي تارة، وحسب متغير الفئات الاجتماعية التي تقطنه تارة أخرى. إلا أنها تظل تشترك في خصائصها العامة كما سنوضح في الفقرات القادمة.
في دراسته العميقة حول “المجتمع والمقاومة في الجنوب الشرقي المغربي” يقول المؤرخ الأمريكي “روس دان” في هذا الصدد: “يعتبر القصر أو (القرية المحاطة بالسور) بمثابة الوحدة السكنية في واحات المنطقة، ويتفاوت حجم هذه القرى بشكل كبير، ولكن الأسوار غالبا ما تكون في شكل مربع، وتتوفر على مدخل واحد فقط، ويقيم سكانه داخل القصر في مساكن مزدحمة، تتكون من طبقتين أو ثلاث مبنية بطوب من الطين، ويوجد القصر دائما قرب منابع المياه. ويقوم السكان بفلاحة الأرض المحيطة به. ولم يكن هذا النوع من البناء معمولا للهجمات الخارجية فقط، ولكن أيضا لاستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة إلى الحد الأقصى”[2]. وبقراءة فاحصة، نجد أن روس دان يصف مجمل ما يميز القصر بالجنوب الشرقي(السور، المساكن، منابع المياه، وظيفة الحماية، وأيضا استغلال الموارد الاقتصدية…).
في حين نجد أن الفرنسي “جورج سبيلمان”، الذي استقر في منطقة “درعة” مدة طويلة متنكرا بإسم “الشريف مولاي اسليمان” قبل الاستعمار بقليل من خلال دراسته حول ” آيت عطا الصحراء وتهدئة درعة العليا” يرتكز في تحديده للقصر على الجانب المعماري الهندسي الذي تم اعتماده في تشييد القصور بالجنوب الشرقي فهي كما يقول: “مبنية أساسا بالتراب المدكوك، ومحاطة بشرافات، وتتميز بعض هذه القرى بشساعتها وببناياتها المدققة، بالإضافة إلى هندستها الأنيقة والرفيعة. وإذا كانت المباني في أغلبها مهدمة المظهر فإن ما يوجد داخلها يثير الانتباه، حيث نجد أزقة ضيقة مغطاة غالبا، ومتعرجة بين المنازل أو تحتها، وتقسم القرية إلى أحياء، ويتوفر كل قصر على مسجد وساحة داخلية، بالإضافة إلى الأبواب، وهو محصن في أطرافه بأبراج منيعة، ومقاذف ومراقب”[3]. إن مسألة التحصين هذه ووجود أبراج منيعة ومقاذف، تعبر عن مدى حرص ساكنة القصر على تحقيق الحماية لأنفسهم ضد ما يهددهم خارجيا، وهذا ما ينعكس على هندسة القصر التي جعلت من وظيفة الأمن من أولوياتها، في هذا السياق يوضح فوري (R.Faure) أن “الضرورات الأمنية هي التي فرضت وضع سور على جنبات القصر وغالبا ما تكون قاعدته مبنية بالحجارة، تحسبا لغمر فياضانات الأنهار. ويضيف أن القصور بسجلماسة أغلبها تتخذ شكلا مستطيلا وترتفع في جنباتها أربعة أبراج، وتكون جداراتها الخارجية سميكة يتراوح عرضها ما بين متر ومترين، أما علوها فما بين خمسة وعشرة أمتار، ولا يوجد بالقصر غير مدخل رئيسي واحد غالبا ما يكون مزخرفا”[4]، وهذا لكي يستطيع ساكنة القصر حماية أنفسهم عن طريق سد كل المنافذ التي يمكن استغلالها من طرف الأعداء ليلحقوا الضرر بالأهالي، لهذا شيدوا القصر بباب وحيد محصن لأنه يسهل مراقبته.
إذا كان هذا شأن الدراسات الأجنبية التي تناولت تحديد القصر وخصائصه ضمن اهتمامها بتاريخ المنطقة ومجالها الجغرافي وبنياتها الاجتماعية؛ فإن الدراسات المحلية جاءت –في الغالب- مقتبسة لمجمل الأوصاف التي قدمها الأجانب مع بعض الإضافات الأساسية تارة، والثانوية تارة أخرى، والتي تعبر عن تخصص الباحث واهتماماته. وسنورد في هذا المقام ثلاث نماذج لهذه التحديدات نراها ضرورية لتحديد المعالم الكبرى للقصر بواحات الجنوب الشرقي.
يعرف “عبد الرحيم عنبي” القصر بكونه “القرية المحصنة التي تكون الوحدة السكنية بتافيلالت وبجميع واحات الجنوب الشرقي المغربي، جاء نتيجة تكيف السكان مع ظروف البيئة غير المواتية للمنطقة ومع قلة الامكانيات الاقتصادية وعلاقات التوتر الاجتماعي الناتجة عن الصراعات القبلية”[5]. في هذا التعريف نلمس حضور ثلاث وظائف أساسية؛ الأولى مرتبطة بمتطلبات العوامل المناخية، والثانية مرتبطة بالجانب الاقتصادي، في حين ترتبط الثالثة بالهاجس الأمني. ومع ذلك فإننا نسجل في هذا التعريف تقزيما لوظيفة القصر الاجتماعية، هذه الأخيرة التي نلمس بعض ملامحها في التعريف الذي قدمه “لحسن تاوشيخت” الذي يقول أن “القصر بمنطقة تافيلالت يكون دائما على شكل تجمع سكاني داخل بناية موحدة محاطة بسور ضخم وعال تتخلله عدة أبراج مربعة الشكل وله مدخل رئيسي واحد، فضلا عن أروقة مغطاة، وساحة ومسجد ودور سكنية موزعة عبر الأزقة، ويسكن القصر إما عائلة واحدة ويسمى بالتالي “قصبة” أو عدة أجناس إثنية (شرفاء، عرب، أمازيغ، حراطين، يهود، عبيد…)[6]. ليكون القصر بتركيبته الهندسية يتماشى والمساعي الرمزية/الثقافية لساكنة المنطقة، بل إن البعد الثقافي قد يتجلى في بعض الأحيان في تميز بعض المباني داخل القصر على أخرى أو تميز قصر بأكمله على قصر آخر بسبب الفروقات الإثنية والمراتب الاجتماعية لساكنة المنطقة.
وداخل حقل الدراسات السوسيولوجية التي أنجزت حول واحات الجنوب الشرقي يقترح بن “محمد قسطاني” من خلال دراسته حول “الواحات المغربية قبل الإستعمار-غريس نموذجا-” تعريفا أكثر وضوحا لخصائص ووظائف القصر كالتالي: ” القصر هو الوحدة السكنية الأساسية، ولا نقول الاجتماعية لساكنة الواحات. وهو غاية لا شعورية للبدوي، وهو معمار تقليدي محلي فرضته ضرورات المناخ والمجال والتاريخ أولا، والانتاج الزراعي والاستقرار ثانيا والدفاع والمواجهة ثالثا. وتبرز الخاصية الزراعية غالبا والصناعية في بعض الأحيان. ويؤدي جل الوظائف الأنثروبولوجية التي يفرضها سكن الاستقرار. وهو أنواع مختلفة لكن ذات بنية معمارية تكاد تكون واحدة، دور متلاصقة بعضها ببعض، يحيط بها سور قد يكون مزدوجا، تحيط به عند الزوايا أبراج محصنة، ويتوسط السور باب واحد مزخرف غالبا”[7]. ومن خلال هذه الخصائص التي أشار إليها قسطاني فالقصر يؤمن لقاطنيه غايتهم المتمثلة في الاستقرار من خلال توفير متطلباتهم المادية والرمزية.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن القصر بواحات الجنوب الشرقي إلى جانب خصائصه ومميزاته العملية المتمثلة في الجوانب الأمنية والمناخية والاقتصادية والاجتماعية؛ فهو أيضا يتوفر على مميزات جمالية، غالبا ما يتم إغفالها من طرف الدارسين. فهندسة القصر في مظهرها الخارجي تتوفر على أبراج مزينة بنقوش وشرافات وباب كبير مزخرف، تضفي على القصر جمالية ورونقا فريدا يعكس الموروث الفني والإبداعي لساكنة المنطقة.
ومن خلال كل ما سبق تقديمه حول دلالة القصر وخصائصه في بعض الدراسات الأجنبية والمحلية، فإننا نخلص لبناء تصور خاص لمفهوم القصر بواحات الجنوب الشرقي يرتكز على ملاحظاتنا الميدانية واتصالنا المباشر بقصور المنطقة أولا، واستفادتنا من مجموعة من الدراسات التي تناولت القصر في هذا المجال، نصوغه كالتالي:
“القصر هو بناء معماري وفق هندسة تقليدية كفيلة باستيفاء الحاجيات الضرورية، التي تؤمن استقرار الأسر القاطنة بداخله؛ وهي حاجيات ارتبطت بسياق تاريخي وسوسيوثقافي خاص من ناحية، وبطبيعة المجال الجغرافي وخصائصه المناخية من ناحية أخرى، يمكن أن نجملها في أربعة حاجيات: الحاجة للأمن والحماية أولا، والحاجة للتأقلم والتكيف مع المناخ ثانيا، ثم الحاجة الاقتصادية ثالثا، وأخيرا الحاجة الاجتماعية لإشباع المتطلبات الإنسانية لساكنة القصر.”

وظائف القصر بواحات الجنوب الشرقي:
من خلال التعريف أعلاه، يمكن أن نتوقف عند أبرز وظائف القصر العمرانية، وارتباطها بتمكين الساكنة من هذه الشروط الضرورية للاستقرار؛ لأن كل خاصية هندسية من خصائص القصر المعمارية، إلا ولها مبرر منطقي يظهر في الوظيفة التي تأديها لصالح أفراد المجتمع، وهذا ما سنحاول توضيحه من خلال التطرق لأهم وظائف القصر التي تستجيب لحاجيات الساكنة كالتالي:
· الحاجة للأمن والحماية:
إن إحاطة القصر بسور كبير، وبأبراج محصنة، وباب واحد كبير يصعب اختراقه، مكن سكان القصر من حماية أنفسهم من الأخطار الخارجية التي تهدد استقرارهم سواء كان مصدرها من الانسان (الحروب والصراعات القبلية…) أو من الطبيعة (الفيضانات، العواصف…). وهذا ما يشر إليه روس دان في قوله أن “القصور كانت تعمل كلها لحماية نفسها من هجمات الرحل (أيت خباش بالخصوص) أو مواجهة الظواهر الطبيعية”[8]. وبالتالي فحرص الساكنة على تشييد قصور تحقق الأمن والحماية راجع بالأساس للتاريخ السياسي للمنطقة التي شهدت مجموعة من التوترات والحروب إما بين القبائل الموجودة أو بين الساكنة والمستعمر.
· الحاجة للتأقلم مع المناخ:
كان بناء القصر بالتراب المدكوك على شاكلة الطابية (جدران كبير عرضا) يتماشى وطبيعة المناخ الواحي المعروف بارتفاع درجة الحرارة صيفا وانخفاضها شتاء. فهو أشبه بمكيف يمكن من تحقيق البرودة في صيف حار جدا، والدفء في شتاء بارد جدا؛ إذن فالقصر بمثابة “تعامل ذكي مع شروط المناخ”[9] بحيث يترجم بعض ملامح التدبير الحكيم للمجال من طرف ساكنة المنطقة في مراحل تاريخية سابقة، لكننا –وللأسف- لا نحافظ على هذا التراث الغني بل نفقد باستمرار عناصر مهمة منه في عصرنا الحالي.
· الحاجة الاقتصادية: إن بناء القصر بالقرب من المنابع المائية والأنهار (وادي زيز ووادي غريس…)، وأيضا في أراضي صالحة للزراعة، كان له دور كبير في تأمين حاجيات الساكنة الغذائية. فالقصر هو “الوحدة الفلاحية المكتفية بذاتها”[10]، بالإضافة إلى أن هندسته وفرت للساكنة القيام بأنشطة مختلفة كالصناعات التقليدية والتبادلات التجارية.
· الحاجة الاجتماعية/الانسانية:
إن وجود ساحة ومسجد داخل القصر، وكذلك الأزقة، والتصاق المنازل بعضها ببعض، كان كافيا ليتمكن ساكنة القصر من التواصل والاتصال فيما بينهم، وأيضا لقضاء حاجياتهم الانسانية من تعارف وتضامن وبناء علاقات شخصية أكثر منها وظيفية كما هو الشأن في المدن، بالاضافة إلى تمكينهم من ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم الثقافية عموما.
التحولات التي عرفتها بنية القصر بواحات الجنوب الشرقي:
إذا كان تصنيفنا “للقصر” -كما أشرنا في مقدمة المقال- ضمن أهم ما تمتاز به المنطقة في تراثها الثقافي العمراني يستند على هندسته التقليدية الخاصة، ومميزاته العمرانية الفريدة؛ فإنه من الضروري الاشارة إلى مختلف التحولات والمستجدات الراهنة، التي أثرت في بنية القصر ووظائفه، حيث فقد ولازال يفقد جزءا كبيرا من مميزاته العمرانية.
إن القيام بزيارة ميدانية لبعض قصور المنطقة (قصور منطقة أرفود، الجرف، فزنا، العشورية…مثلا) تجعلك تلاحظ عددا كبيرا من المنازل التي أصبحت مهجورة، أو يتم استعمالها كأماكن مخصصة لتربية الماشية، أو توظيفها لأغراض تخزين المحاصيل الزراعية وأدوات العمل، وفي المقابل عمل أصحابها على بناء منازل عصرية خارج القصر. وفي أسوء الحالات يتم اكتساح البنايات العصرية لبنية القصر، بعد تهديم بعض المنازل خاصة تلك الموجودة في السور الخارجي، مما أدى إلى ضياع أجزاء مهمة من بنية القصر، ليفقد بذلك الانسجام المعهود؛ خاصة عندما يكون الهدم على حساب الأبراج الخارجية التي تضفي على القصر رونقا وجمالا فريدين.
ومن أهم التغيرات التي لحقت “القصور” بهذه المناطق، تكمن في تعدد أبواب القصر؛ فلم يعد القصر محصورا في باب واحد في اتصاله بالعالم الخارجي، بل كثرت الأبواب وكذلك الأزقة المتصلة مباشرة بخارج القصر (“الخراجية” بالاصطلاح المحلي). ولهذا السلوك ما يبرره، كاختصار طريق الخروج من القصر بالنسبة للمنازل البعيدة عن المدخل الرئيسي، كما أن زوال التوترات والصراعات بالمنطقة، شجع الساكنة ليكثروا من أبواب القصر إلى درجة أن معظم المنازل الموجودة في صور القصر عمل أصحابها على فتح أبواب خاصة.
وتجدر الاشارة، في سياق حديثنا عن تأثر بنية القصر جراء التحولات التي تعيشها المنطقة، أن بعض عمليات الترميم أو إعادة بناء بعض الأبنية المهدمة أو المهددة بالسقوط لم تتم بمعاير تحافظ على هندسة القصر المعمارية التقليدية، بل تمت في أحاين كثيرة بمواد وأدوات عصرية لا تنسجم مع شكل القصر؛ مما أفقده الكثير من مميزاته التراثية التي كانت تقدم صورة عامة للفنون المعمارية التقليدية المتوارثة عن الأجيال السابقة.

خاتمة :
تعتبر مسألة الحفاظ على الموروث الثقافي من أكثر القضايا المطروحة في عصرنا الحالي لعدة أسباب؛ منها ما يرتبط بهاجس هوياتي رمزي، ومنها ما يرتبط باستثمار عناصر التراث الثقافي لأهداف وغايات تنموية لعل أهمها تشجيع ما يعرف بالسياحة الإيكولوجية والسياحة الثقافية في المنطقة. وبالتالي فأهمية هذه الموروثات الثقافية في عصرنا تدفعنا لمواجهة كل أشكال ضياعها وفقدانها، بسبب الإهمال الذي تتعرض له من طرف الساكنة. إهمال يكون –في غالب الأحيان- بشكل غير مقصود، حيث الجهل بقيمة هذه الموروثات الثقافية يكون سيد الموقف، وإما بشكل مقصود لأن هناك من ينتصر للطرح الذي يشرعن طمس كل ما هو تراثي تقليدي، لأنه –وفق منظوره- سبب تخلف مجتمعه عن الركب؛ وفي نظرنا يظل الجهل في كلا الحالتين سيد الموقف، على اعتبار أن الأمة التي تنطلق دون الاعتماد على تراثها، ومواردها المحلية حتما ستتعثر. وبالتالي فمسألة الحفاظ على التراث الثقافي تتطلب تنبيه الساكنة لقيمة تراثهم، وحثهم على استثماره لغايات تنموية، تعود بالفضل على المنطقة ككل، كما أن تحقيق هذا الغرض يستلزم تظافر مجموعة من الجهود والشركاء والفاعلين، لأنه لا يمكن لجهة معينة أن تتكفل بهذه السيرورة المركبة في الحفاظ على الموروث الثقافي للمنطقة وفي العمل على استثماره كدعامة لتحقيق التنمية المستدامة.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Breaking News